بسم الله الرحمن الرحيم
في أوج عظمه وهيبة الدولة العباسي وفي قمة ازدهارها في كل النواحي والمجالات والتي كان يدير دفة الحكم فيها الخليفة العباسي ( هارون الرشيد ) أمر قادة الجيش أن يعدوا العدة ويهيؤا الجيوش لغرض غزو ( الفرنجة ) الذين منفكوا يتمردون على دفع الجزية والتحرش بالعرب المسلمين على أطراف الدولة الإسلامية والتي كانت تحت سيطرة الخليفة وعندما تناقلت أخبار الاستعدادات لقتال الفرنجة أرسل ملكهم رسولا إلى هارون الرشيد يدعوه إلى الصلح والتفاهم الدبلوماسي بدل القتال واتفق الطرفان أن يأتي ملك الإفرنج إلى بغداد ومعه الجزية المتقدمة والمتأخرة وعند موافقة ملك الفرنجة على الأمر 000 أمر الرشيد البزازين والخياطين وأصحاب الزركشة والصياغ في أسواق بغداد عن مسابقة جائزتها كبيرة جدا تعطى لمن يستطيع أن ينجز ( حلة ) أي رداء كامل للخليفة بوقت قياسي على أن تليق بالخليفة بدرجة كبيرة لكون ملك الإفرنج كان يلبس ( الجبب) المطرزة والمزركشة بكافة أنواع الياقوت والمرجان والزمرد والذهب والفضة وما انزل الله من النفائس 00 فبدا السباق وقدمت حلل المتسابقين من أهالي بغداد بين يدي الخليفة ليختار أجملها والتي طلب أن تكون أحسن ( حلة ) لبسها في حياته بل يجب أن تكون أجمل من لباس ملك الفرنجة وعلى أن تعجب الأميرة ( الست زبيدة ) زوجة هارون الرشيد 00 وبالفعل كرم الجميع واختار أجملها على الإطلاق 00
وعند اقتراب وصول الضيف آمر الخليفة بان تنحر الذبائح وتعد وليمة كبيرة من كل الأصناف وتحتوي على كل ما لذ وطاب احتفاءً بالضيف وبنشوة بالنصر السلمي الذي احرزة ولكي تتلاءم الوليمة مع ( الجبة ) التي سيلبسها والتي لم يرى احد مثلها من قبل 00
اقترب الضيف من مشارف قصر ( الشاكرية ) في بغداد والذي كان يسكنه الخليفة ومنه يدير دفة حكم الأقطار والأمصار والبلدان التابعة للدولة العباسي000 ارتدى الرشيد ( الجبة ) وكانت أبهى وأجمل ما ولبس في حياته 00 جلس جانب الضيف الكبير00 والجميع ومن ضمنهم ملك الفرنجة انبهر بعظمة لباس الخليفة وأحس الرشيد بان الأنظار تتجه صوبة دون الضيف فتفتحت أساريره وطار إلى عالم أخر وعندما صحى من نشوة الخيال أمر بان ( يمد السماط ) وينقل الأكل إلى المائدة 0
كل الذي قلته من كلام ليس هو المهم
بل المهم هو مابعد أن وضعوا السماط وبدا الخدم بنقل أواني الأكل والفاكهة والحلوى ، فتقدم احد الخدم وبيده طبق كبير فيه ( حساء ) حار وملئ بالسمن الطبيعي ، وعندما اقترب من الخليفة هارون الرشيد ونظر إلى جبته أخذته هيبة الخليفة 00 ارتبك وارتعدت فرائصه واصطكت قدماه وارتعشت يداه وهو يهم بوضع الماعون على الأرض قبالة الرشيد وحدثت الكارثة ( سقطت قطرة دهن واحده صغيرة جدا بحجم رأس الدبوس ) على جبة الخليفة فشاط غضبا وزورت عيناه وانتفض واقفا ووقف الجميع وصاح بأعلى صوته ( ياسياف اقطع رقبته ) فتوسل الخادم بالخليفة واقسم عليه بضيفه أن يعفوا عنه لكن الخليفة رفض وبكل إصرار ولم تفلح كل توسلاته بالصفح أو العفو وحتى تدخلات الملك الضيف رفضت كذلك 00 وعندما يأس الخادم من العفو رفع الماعون الذي فيه الحساء والملئ بالسمن بأكمله وصبه ( على رأس هارون الرشيد ) بحيث أصبحت الجبة عبارة عن قطعة من الدهن الخالص 00 وبكل برود سأله الخليفة لماذا فعلت هذا فأجابه الخادم ببرود اشد وبكل كبرياء( عندي أولاد وبنات وعندما اعدم بعقوبة قطع الرأس سيقول لهم الناس بان أباكم اعدم من اجل قطرة حساء وقعت على جبة الخليفة 00 أما ألان وبكل فخر واعتزاز سيقولها أولادي للناس بان أبانا اعدم لأنه ضرب خليفة المسلمين هارون الرشيد على رأسه بماعون مملوء بالحساء ) إنا ألان جداً سعيد ومستعد أن تقطع راسي وكرامتي مرفوعة وسيسجلها التاريخ لي في طيات صفحاته البيضاء ، عندما سمع الخليفة كلامه ضحك كثيرا وأشاد بذكائه واعفى عنه 0